logo on medium devices
موقع صدى الولاية الاخباري
الأربعاء 26 نوفمبر 2025
01:20:06 GMT

اسرائيل الزعيم العربي الأول... الذي لا يكذب

اسرائيل الزعيم العربي الأول... الذي لا يكذب
2025-02-22 06:56:00
اسرائيل: الزعيم العربي الأول... الذي لا يكذب

يحيى دبوق
الاخبار السبت 22 شباط 2025

«نصر الله لم يكن مجرد مقاتل. بل كان هو المقاتل. كان المحور داخل المحور، والقوة الدافعة خلفه». بهذه الكلمات، وصف رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، الشهيد السيد حسن نصر الله. هذا الوصف ليس مجرد تصريح سياسي عابر أو شعار إعلامي؛ بل يعكس رؤية إستراتيجية لدى المؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل، اختصرها رأس الهرم السياسي في تل أبيب. وبكلمات أخرى، يعد نصر الله واحداً من أخطر الشخصيات التي واجهتها الدولة العبرية منذ تأسيسها.

الأمين العام السابق لحزب الله لم يكن مجرد عنصر من عناصر الصراع، بل هو سلاح إستراتيجي بحد ذاته. يعود ذلك، وفقاً لدراسات إسرائيلية عملت بشكل كبير على البحث في شخصيته في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000، إلى كاريزمية فريدة وقدرة على التأثير في الجمهور، بما يشمل جمهور أعدائه.

وفقاً لأبحاث نشرت في أهم المراكز البحثية في تل أبيب (مركز أبحاث الأمن القومي)، استطاع السيد نصر الله أن يحجز لنفسه مكانة خاصة في المشهد الإقليمي من بوابة تهديد إسرائيل وإقلاق أمنها، دولة وجمهوراً. ولم يكن دوره مقتصراً على قيادة حزب الله فقط، بل تجاوز ذلك ليصبح شخصية مركزية تؤثر في المعادلات الإقليمية الكبرى، تماماً كما يتوافق مع التوصيف الوارد على لسان نتنياهو.

في الوعي الجمعي الإسرائيلي، يتجاوز التهديد الذي يمثله الجانب العسكري ليشمل أبعاداً سياسية وإيديولوجية ونفسية. إذ تحول اسمه ليكون مرادفاً لعقيدة المقاومة في العالم العربي والإسلامي. وفي الوقت نفسه، أصبح رمزاً للخطر والتهديد في العقلية الإسرائيلية. تحول اسمه في التخاطب بين الإسرائيليين إلى مصطلح جديد دخل اللغة والتواصل في ما بينهم، كرمز وعنوان لكل ما يؤذي إسرائيل والصهاينة. وعلى نقيض قادة وشخصيات في العالم العربي خبرها الجمهور الإسرائيلي في العقود الماضية، كان اسم نصر الله يمثل الصدقية والفعل بعد التهديد، إلى الحد الذي كان يعبر فيه الإسرائيليون عن اقتناعهم بأنه أصدق من قادتهم.

الصدقية لم تأتِ وفقاً لكاريزما وكلمات أُطلقت على لسان نصر الله. بل جاءت تراكمية، على مر الزمن وسنوات الصراع والمقاومة في وجه الاحتلال، وأكدت للإسرائيليين أنهم يواجهون نوعاً جديداً من القادة، لم يكن وعيهم الجمعي معتاداً عليه.
نظرية بيت العنكبوت» أصبحت مركز اهتمام القادة والنخب، لم تكن مجرد فكرة عابرة، بل وسيلة قتالية يجب محاربتها بكل السبل

شكلت هذه الصدقية «عقدة» لدى صاحب القرار في تل أبيب. جعلت من مواجهتها، وتحديداً في أعقاب حرب عام 2006، جزءاً لا يتجزأ من مواجهة تهديد حزب الله. باعتبار أن نصر الله، في ذاته، سلاح إستراتيجي لدى أعداء إسرائيل، يجب إعداد العدة لمواجهته، تماماً كما يجري العمل على مواجهة الوسائل القتالية في الجانب الآخر.

في أعقاب الحرب، التي يعد نصر الله واحداً من أهم عوامل إفشال إسرائيل وحربها في الساحة اللبنانية، إذ كان هو نفسه وظهوره الإعلامي وتعليقاته وقدرته على التأثير في مجريات الحرب في كلا الجانبين، التأثير الكبير في نتائجها على مستوى الوعي. وهو ما أدى لاحقاً، كما أشارت دراسة إسرائيلية بحثية صدرت في أعقاب الحرب عن مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، إلى صدور قرار لدى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بإنشاء قسم خاص ومنفصل تابع لها لإدارة التعامل مع شخصيته وما يصدر عنها. وهو ما كان يُتلمس بشكل واضح ومباشر في أعقاب الحرب وسنوات ما بعدها.

وواحد من أهم أعمال هذا القسم، هو حجب ما يصدر عن نصر الله وفقاً لتهديداته وتصنيفها، إذ إن الجمهور الإسرائيلي أحياناً كثيرة، لم يصل إليه عبر الإعلام العبري أيٌّ من تلك التهديدات، كما حصل في أعقاب تهديده خليج حيفا ومنشآت الأمونيا فيها، وهو ما جرى حجبه عن الإسرائيليين، مع طاعة شبه عمياء للإعلام العبري.

ما قبل عام 2000

لم يكن اختيار السيد نصر الله أميناً عاماً لحزب الله بعد استشهاد سلفه السيد عباس الموسوي مجرد تطور عابر، بل كان بداية مرحلة جديدة من الصراع مع إسرائيل. وكان أول قرار اتخذه السيد نصر الله، الذي أرسى دعائم هذه المرحلة، هو إطلاق صواريخ الكاتيوشا باتجاه المستوطنات الإسرائيلية. لم يكن هذا القرار مجرد رد فعل، بل كان رسالة واضحة بأن المعادلات التي حاول العدو فرضها عبر اغتيال السيد الموسوي لن تكون مقبولة.

اغتيال السيد الموسوي كان محاولة إسرائيلية لإرباك حزب الله وإضعاف قدرته على اتخاذ القرار ومواصلة المقاومة. لكن السيد حسن نصر الله، منذ اللحظة الأولى لتوليه المسؤولية، أكد أنه أمام قيادة استثنائية لا يمكن كسرها. جاء الرد الأول على عملية الاغتيال عبر مروحة من العمليات العسكرية داخل لبنان وخارجه، ما جعل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعيد حساباتها. وفي تصريح لافت، قال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في حينه، الجنرال أوري ساغي: «لو كنا نعلم مسبقاً أن هذا ما سيحصل، لما كنا أقدمنا على قرار الاغتيال». كانت هذه الكلمات اعترافاً ضمنياً بفشل الحسابات الإسرائيلية أمام شخصية قيادية مثل السيد حسن نصر الله.

صفات قيادية استثنائية

في وعي مؤسسات القرار في تل أبيب، كما لدى الجمهور الإسرائيلي نفسه، برز السيد نصر الله كقائد شجاع، حكيم، ومصمم. لم تكن هذه الصفات مجرد عناوين إنشائية، بل كانت لها مصاديقها العملية في كل مواجهة خاضها منذ توليه الأمانة العامة لحزب الله. فقد تميزت قيادته بالقدرة على الجمع بين الجرأة في اتخاذ القرارات والحكمة في تنفيذها، ما جعل إسرائيل تدرك أنها أمام قيادة غير تقليدية، تمتلك رؤية اإستراتيجية واضحة وأهدافاً ثابتة.

من أبرز القرارات التي اتخذها السيد نصر الله، والتي أفشلت التوجهات الإسرائيلية في تلك المدة، كان التمسك بخيار المقاومة واستمراريتها. في خطاب تاريخي أمام مبنى شورى حزب الله في حارة حريك، أعلن بصراحة: «لو قُتلنا جميعاً، ولو هدمت على رؤوسنا بيوتنا جميعاً، فلن نتخلى عن المقاومة الإسلامية». كانت هذه الكلمات نقطة تحول في الصراع مع إسرائيل، حيث أدركت الأخيرة أن محاولاتها لكسر إرادة المقاومة قد باءت بالفشل. ومن هذه اللحظة، بدأ الإسرائيلي يدرك أنه أمام قيادة قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، والرد على الضربات بقوة أكبر.

عملاً بقراراته ومبادراته، نجح السيد حسن نصر الله في تحويل لحظة اغتيال السيد عباس الموسوي إلى نقطة انطلاق نحو تحرير الأرض وإعادة الثقة للمقاومة. وكانت هذه السنوات، التي سبقت عام 2000، بمنزلة مرحلة تأسيسية أثبت فيها أنه قائد قادر على مواجهة التحديات الكبرى وتغيير قواعد اللعبة لمصلحة المقاومة.

التطور في التسعينيات

من يطّلع على تاريخ حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان، يدرك أن التسعينيات كانت عقداً فارقاً شهد تحولاً نوعياً في مسار المقاومة، التي اتخذت منحى جديداً وتطورت بشكل لافت على المستويات التكتيكية والإستراتيجية، رغم الظروف الدولية والإقليمية الضاغطة التي أثرت على المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.

لم تعد المقاومة مجرد قوة محلية تواجه الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، بل أصبحت مكوناً أساسياً في المشهد الإقليمي. كل عملية مقاومة ضد الاحتلال لم تكن تؤثر فقط على المستوى المحلي اللبناني، بل كان صداها يتردد على مستوى المنطقة والعالم. كما يروي وزير الخارجية السوري السابق فاروق الشرع في مذكراته، فإن أي عملية مقاومة فعالة في جنوب لبنان كانت تتردد أصداؤها حتى في أروقة البيت الأبيض في واشنطن.

في مواجهة هذا الصعود، اتبعت إسرائيل سياسات عدوانية متعددة خلال التسعينيات، كان يمكن أن تتطور إلى حرب إقليمية شاملة. ومن أبرز هذه الخيارات: اغتيال السيد الموسوي في محاولة لإرباك حزب الله وإضعاف قيادته. ومواجهة 1993 و1996 وتنفيذ عمليات عسكرية واسعة بهدف كسر المقاومة.

لكن السيد نصر الله، الذي قاد المقاومة خلال هذه المواجهات، نجح في تحويل التهديدات إلى فرص، عبر تغيير المعادلات والأهداف التي سعت إسرائيل إلى تحقيقها عبر هذه العمليات. ورغم القسوة النسبية لهذه المواجهات، إلا أن المقاومة استطاعت في نهاية المطاف أن تفرض على إسرائيل اتخاذ قرار الانسحاب الكامل من لبنان عام 2000، بعد أن جربت خياراتها الأخرى دون جدوى.

رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في التسعينيات، اللواء عاموس مالكا، الذي كان يدير جزءاً كبيراً من المواجهة مع حزب الله، أعرب عن إعجابه بالسيد حسن نصر الله في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» (26/9/2001). قال مالكا: «أنا مضطر إلى القول إن الشكل الذي يُدير ويقود عبره تنظيمه يجذبني. إنه ينطوي على الدمج بين التفكير الإستراتيجي والسيطرة الكاملة والعمل التكتيكي واستغلال العامل النفسي». وأضاف: «نصر الله شخصية تجذب كل رجل استخبارات بشكل مطلق. أشعر بأنني أفهم مركبات كثيرة لديه، ولكن تواضعي الاستخباري لا يسمح لي بالقول إنني أعرفه سابقاً».

تطور الشخصية وتأثيرها

لا يمكن الحديث عن شخصية السيد نصر الله وتطور حضورها وتأثيرها في الساحة اللبنانية والإقليمية، بما يشمل كيان إسرائيل، بمعزل عن تطور حزب الله نفسه. وبالمثل، لا يمكن مناقشة تطور الحزب، فعاليته وتأثيره، دون الإشارة إلى شخصية أمينه العام. لذلك، إن الحديث عن نصر الله هو في الوقت ذاته حديث عن حزب الله، بدءاً من عام 1992 وحتى عام 2024، والعكس صحيح أيضاً.

في التسعينيات، نجحت المقاومة بقيادة السيد نصر الله في تحقيق إنجازات إستراتيجية غير مسبوقة، رغم الظروف الضاغطة والتحديات الكبيرة. لقد حولت التهديدات إلى فرص، وأجبرت إسرائيل على الانسحاب من لبنان، ما رسخ مكانة المقاومة كقوة إقليمية مؤثرة. شهادة قادة إسرائيليين مثل الجنرال عاموس مالكا تعكس الإعجاب الممزوج بالقلق الذي أثاره نصر الله في نفوسهم، وهو ما يعكس عمق تأثيره وقدرته على تغيير قواعد اللعبة في المنطقة.

مع مرور الوقت والتراكم، تحولت شخصية السيد نصر الله إلى «لغز» محير في الوعي الجمعي الإسرائيلي. لم يكن الأمر مجرد اهتمام عابر أو متابعة تقليدية لقائد مقاومة، بل وصل الأمر إلى حد أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية شعرت بالحاجة إلى تشكيل طاقم خاص لمتابعة كل صغيرة وكبيرة تتعلق به. هذا الطاقم ركز على تفاصيل دقيقة ومعقدة، بدءاً من «حركة إصبعه»، وصولاً إلى أفكاره الإستراتيجية العميقة.

عمل هذا الطاقم على تحليل خطابات السيد نصر الله ومواقفه، سواء من حيث الشكل أو المضمون. لم يكن الأمر يقتصر فقط على ما يقوله، بل امتد إلى كيفية قوله، وما تحمله كلماته وإشاراته من دلالات حول توجهاته ورؤيته لإدارة التحديات الكبرى. حتى التفاصيل الشخصية مثل حالته الصحية، وتعبيرات وجهه، وحركات يديه، وحتى نظراته يميناً ويساراً، كانت محل متابعة وتحليل دقيقين. وكل هذه التفاصيل كانت تُرصَد وتُحلل بعناية فائقة، بهدف فهم كيفية إدارة نصر الله للأزمات والتحديات التي تواجهها المقاومة.

نظرية «بيت العنكبوت»

«إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت»، هي العبارة الشهيرة التي أطلقها السيد نصر الله عام 2000 في مدينة بنت جبيل، بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من لبنان. تحولت هذه العبارة إلى «نظرية بيت العنكبوت»، التي أصبحت مركز اهتمام كبير لدى القادة والنخب الإسرائيليين، والمراكز البحثية، وحتى الطواقم الخاصة لدى دوائر القرار والتخطيط. عملت إسرائيل على تفكيك النظرية وهندستها ووضع إستراتيجيات لمواجهتها، انطلاقاً من إدراكها لخطورتها.

لم تكن النظرية مجرد فكرة عابرة، بل أصبحت وسيلة قتالية يجب محاربتها بكل السبل. المفارقة الكبرى أن الخطر لم يكن في تصديق الآخرين بهذه النظرية فقط، بل في اعتقاد الإسرائيليين أنفسهم بصحتها، ما دفعهم إلى العمل على إزالتها ليس فقط من عقل العدو، ولكن أيضاً من وعيهم الجمعي.

وبمرور الوقت، أصبحت النظرية رمزاً موازياً لشخصية السيد نصر الله في الوعي الإسرائيلي، حيث جسدت التهديد الوجودي الذي يواجه الدولة العبرية، وأظهرت قدرة المقاومة على استثمار نقاط ضعف العدو بشكل فعال.
خلال حرب عام 2006، كانت نظرية «بيت العنكبوت» حاضرة في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين ومواقفهم. في الأيام الأولى للحرب، وفي نشوة الانتصار المرتقب الذي لم يصل إليه العدو، ذكرت المواقف الإسرائيلية خطاب «بيت العنكبوت»، مشيرة إلى أنه بات في الإمكان القول إن النظرية أثبتت فشلها بعدما تبين أن إسرائيل «بيت من فولاذ».

كان من المخطط أن يكون خطاب رئيس الأركان الإسرائيلي حينها، دان حالوتس، تحت عنوان «بيت الفولاذ»، ليكون رداً مباشراً على خطاب «بيت العنكبوت»، وأن يُلقى من مدينة بنت جبيل نفسها، ومن المكان نفسه الذي ألقى منه نصر الله خطابه الشهير. لكن الانكسار العسكري في المدينة والفشل في السيطرة عليها حال دون ذلك، تماماً كما جاءت النتيجة النهائية للحرب نفسها.

تأثير نصر الله في إعلام العدو

في دراسة نشرت في مجلة «العين السابعة» (العدد 64، سبتمبر 2006)، أشار الكاتب تسفي برئيل، معلق شؤون الشرق الأوسط في صحيفة «هآرتس»، إلى أن حسن نصر الله يمثل ثلاث شخصيات مختلفة في الإعلام الإسرائيلي وفي وعي الجمهور: عدو مرّ؛ وخبير في الشؤون والتدابير العسكرية؛ وخبير في المجتمع والجيش الإسرائيليين.

في بحث أكاديمي نُشر في فصلية الجمعية الإسرائيلية للإعلام («مسكروت مديا») - خريف 2012، تحت عنوان «الظهور التلفزيوني لحسن نصر الله خلال حرب لبنان الثانية»، تم دراسة خطابات السيد نصر الله السبعة خلال الحرب، مع التركيز على الرسائل اللفظية وغير اللفظية. أشار البحث إلى أن الحركات وتعابير الوجه الدالة على الصدقية والصرامة والحزم والمعرفة كانت الأكثر تأثيراً في وعي المتلقي.

اللافت في البحث، هو ما يتعلق بجملة الأسباب التي بحثها المؤلفون في مقدمته، والتي أدت إلى تموضع السيد نصر الله كشخصية موثوقة ومصداقة لدى الإسرائيليين، مغايرة للقادة العرب الذين ألفوهم في السابق والحاضر.

أحد هذه الأسباب يعود إلى إرادة إسرائيلية لدى وسائل الإعلام العبرية، لتشويه صورة نصر الله نفسه وضرب صدقيته ومكانته لدى الجمهور الإسرائيلي، الأمر الذي ارتد سلباً في نهاية المطاف على المخطط الابتدائي للتشويه، وأدى إلى تعزيز الصورة عنه. تأثير الظهور المتكرر التلفزيوني، بالصوت والصورة والأهم الحركات التي يبديها خلال كلماته، أدى لاحقاً إلى تعزيز صورته أكثر، خصوصاً مع اقتران كلماته بأحداث وتطورات لاحقة دلت على صدقيته. هذا ما حدث قبل الحرب، في سنوات ما قبل عام 2000 وما أعقبها، وخلال الحرب الأخيرة 2006، وصولاً إلى ما قبل نجاح إسرائيل، أخيراً، في اغتياله.

وكانت صورة نصر الله، بعد الانسحاب من لبنان عام 2000، وبعد حرب عام 2006، قد حفرت لنفسها مكاناً متقدماً في الوعي الإسرائيلي، جمهوراً وقادة ومؤسسة أمنية. ولا يمكن الإنكار أن صانع القرار في تل أبيب يعي هذه الظاهرة وأضرارها، وهو يعمل عليها بشدة ضمن هدف تقليص مفعولها وتأثيرها السلبي، ولكن ما بين الخطط الموضوعة وواقع صدقية نصر الله سِباق، كانت الغلبة للثاني. معظم الكتَبة الإستراتيجيين الإسرائيليين، الذين عملوا على هذه الظاهرة ومحاولة الحد منها، أبدعوا في توصيفها، ولكنهم عجزوا عن بلورة إستراتيجيات مواجهة.

في ذلك، صدرت أبحاث ومقالات عدة في إسرائيل وخارجها، حول ظاهرة نصر الله، بالمعنى المشار إليه. ومنها عينة، وردت في مقالة نشرت في «نيوزويك» الأميركية قبل عام (2017-10-18)، لمدير برنامج الشؤون العسكرية والإستراتيجية في مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، العقيد احتياط غابي سيبوني، الذي بحث في ضرورة «مواجهة خطاب نصر الله المعرفي، وتأثيره السلبي في الجمهور والجيش الإسرائيليين، في زمن الحرب واللاحرب».

ويؤكد سيبوني ما يسميه «القتال ضد إسرائيل من دون نيران»، في توصيفه للمعركة على العقل، حيث هي معركة على الإدراك وعلى التأثير، وهي السمة التي يتّسم بها خطاب نصر الله. على هذه الخلفية، يطالب الباحث أن يفهم ملبورو السياسات والإستراتيجيات في إسرائيل أن العقل بات جزءاً أصيلاً من معركة القرن الحادي والعشرين، والأمن المعرفي هو الآن ضرورة ملحّة للأمن القومي.

إشارات سيبوني وتوصيفاته، والمطالبات والإلحاح عليها في مقالته، وربطاً بمكانته وسعة اطلاعه على السياسات والإستراتيجيات المتبناة والمفعّلة من قبل الجيش الإسرائيلي، تشير كلها بشكل واضح لا لبس فيه إلى أن إسرائيل منذ عام 2006 على أقل تقدير، لم تجد «علاجاً» لظاهرة نصر الله بوصفها سلاحاً ثانياً لدى حزب الله، يتكامل مع الوسائل القتالية والجهود العسكرية، قبل المعارك وخلالها، وأيضاً في أعقابها.


تكررت دعوات استهداف السيد حسن نصر الله، بشكل لافت على ألسنة المسؤولين الإسرائيليين وخبرائهم الإستراتيجيين. هذه الدعوات ليست مجرد تصريحات عابرة، بل تعكس حالة من القلق المتزايد إزاء الدور المحوري الذي يلعبه في قيادة المقاومة وتأثيره الواسع على مختلف الأصعدة. فهو ليس فقط شخصية قيادية في إدارة المعارك العسكرية، بل يمثّل أيضاً رمزاً مؤثراً في بيئة المقاومة والعالم العربي وحتى داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. هذا التأثير المزدوج، الدفاعي والهجومي، جعل منه هدفاً دائماً في خطط العدو.


السيد نصر الله، كما يشير رئيس أركان جيش العدو السابق غادي أيزنكوت، يُعتبر «مركز ثقل» للمقاومة، ما يوجب أن يجعله هدفاً مباشراً لدوره في حركة الصراع. هذا الدور لم يقتصر فقط على الجانب العسكري، بل امتد ليشمل تعزيز الروح القتالية والوعي الشعبي، وهو ما أربك حسابات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

حتى أن العقيد روعي ليفي، في مجلة الجيش الإسرائيلي «معرخوت»، شدد على ضرورة تنفيذ «اغتيال مركّز» لنصر الله، عبر قوات كوماندوس مدعومة من سلاح الجو، مؤكداً أن المسّ به يعني النيل من كل المنظمة، من كبار قادتها إلى آخر مقاتل. في حين أكد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء عوزي ديان، أن «تصفية نصر الله يجب أن تكون الهدف الأول»، مشدداً على «تأثيره الهائل» على الجمهور الإسرائيلي. وهو كما يقول ديان، «يفهم نفسية الإنسان في إسرائيل»، ويؤثر بشكل مباشر على معنويات الجيش والجمهور، ما يربك عمليات التخطيط الإسرائيلي. وهذه عينة من عينات الدعوات التي تكررت بكثرة في العقدين الماضيين، للعمل بلا إبطاء على اغتياله، لكل الأسباب المساقة في البحث.

بعد ثلاثة عقود ويزيد على توليه المنصب، نجحت إسرائيل في اغتيال نصر الله، لكن هل أنهت دوره وتأثيره ومكانته وقدرته على تحريك الجمهور واستنهاضه لإسناد المقاومة ودعمها واستمرارها؟ يوجد شك كبير.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها
صدر كتاب تحت عنوان: قراءة في الحركة المهدوية نحو بيت المقدس للشيخ الدكتور علي جابر
المساعدون القضائيون في صيدا يكرّمون القاضي إيلي أبو مراد قبل انتقاله إلى البقاع
المقداد يجول في جرد جبيل ولاسا
مؤتمر دولي لنصرة غزة من بيروت الى اليمن وفلسطين والعالم
بتاريخ ٢٠٢٤٠٤٠١ نظمت السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي شعبة بشارة الخوري محمد الحوت المتحف في منطقة بيروت
في أجواء شهر رمضان المبارك وبمناسبة يوم الأرض ،
واشنطن تصنف انصار الله جماعة إرهابية وتدخل حيز التنفيذ من يومنا هذا وصنفت قيادات الصفوف الاولى من حركة انصار الله بلائحة الارهاب
النائب برو يتفقد احوال النازحين في علمات والبدان المجاورة
قتيل وجرحى بين العرب في البقاع الاوسط في منطقة قب اللياس
بعد طلب سماحة القائد الولي الاعلى السيد علي الخامنئي حفظ الله
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب حسن علي طه يا أمة المليار منافق، غزة تُباااااد ، فماذا أنتم فاعلون؟ عامان، لا بل دهران، لكثافة ما حصل في غزة من أحداث.
مباشر من حفل اطلاق الحملة الرسمية لاحياء اليوم القدس العالمي التي يطلقها ملف شبكات التواصل في حزب الله
الوزير السابق للداخلية مروان شربل
ممثل الامين العام لحزب الله الشيخ الدكتور علي جابر يزور مطبخ مائدة الامام زين العابدين ع في برج البراجنة
قيادة الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء الدولي
الحاج حسن من بريتال: أزمة انتخاب رئيس الجمهورية سياسية وليست دستورية
تحت عنوان (على طريق القدس موحدون لمواجهة الفتن ومؤامرات التفريق بين أمتنا )
صنعاء بمواجهة العدوان المتجدّد: لا وقف لعمليّاتنا
الصوت الذي لم يستكن يوماً
الجمهورية: قاسم للأميركيين: كفى تهديداً للبنان... والسعودية تدعو لبنان إلى إكسبو الرياض
حسن يحيى الأطرش: إسرائيل لا يمكن أن تحمي شعبنا وهي تستمر في الاحتلال والقتل
أدوار جديدة لتركيا وايران واسرائيل يحيكها الرئيس ترامب
تحذيرات تركيّة من التقسيم: سوريا بين نموذجَي العراق ولبنان
ردُّ «الحزب»: السلاح خارج النقاش!
انقسام حول سبل المواجهة: «آلية الزناد» تشعل جدلاً إيرانياً
«نـداء الـوطـن» بـحـلّـتـهـا الـجـديـدة... بـوق تـحـريـضـي جـديـد فـي إمـبـراطـوريـة الـمـر
صواريخ المقاومة تُطلَق من القرى الحدودية باتجاه حيفا: العمليّة البرّية لا تضمن «أمان» مستوطني الشمال
الاخبار _ ندى ايوب : لبنان يفعّل ورشة البلوكات النفطية من دون «مِنّة» توتال
حذارِ «الدروس» الخطأ
تفاؤل سعودي وتشنج لبناني...!
استراتيجيات إيران لمواجهة التهديدات الأمريكية مزيج من الردود الاقتصادية، السياسية، العسكرية، والإعلامية
وقائع مبادرات مصرية - أميركية أساسها استعداد إسرائيل «لحرب على كل المحور»: كلام كثير قاله حزب الله قبل إعلان «الكتاب المفتوح»
وعود كلامية دون عقد أي اجتماع حكومة لمناقشة ملف الإعمار: هل يستيقظ نواف سلام؟ محمد وهبة الجمعة 18 تموز 2025 قد لا نرى ح
لقاء ترامب - نتنياهو يُطلق إشارة الحسم؟
الاخبار : وقـف إطـلاق الـنـار فـي عـهـدة الـدولـة وأمـيـركـا
إسرائيل تفاوض أميركا: تسريبات متناقضة حول وقف الحرب
‼️خاص صدى الولاية‼️: اليمن في صدارة المقاومة خطاب قوي للسيد القائد عبد الملك الحوثي يدعم القضية الفلسطينية ويؤكد تلاحم الشعب
استعراض قوة إسرائيلي جنوباً: باريس وواشنطن لم تيأسا بعد من «الوساطة» سياسة قضية اليوم الأخبار الأربعاء 17 كانون الثاني
الحكومة تتقدّم خطوة في ملف إعادة الإعمار؟
سنة
شهر
أسبوع
يوم
س
د
ث